يقول المولى سبحانه وتعالى فى سورة الأنعام ( عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) .. ويقول فى سورة الحشر ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ) .. ويقول فى سورة الرعد (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ) .. ويقول فى سورة المؤمنون ( عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .. ويقول فى سورة الجن (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) .. وفى هذا يقول العلماء أن عالم الشهادة هو كل ما تراه المخلوقات وتدركه بالعين والحواس وما شابه .. وكل ما يمكن للحواس البشرية إدراکه يعدّ شهوداً مثل المادة و خواصها وصفاتها .. أما عالم الغيب فهو الأمر الخفي الذي لا يمكن أن تدركه الحواس .. وهو غير قابل للشهود الإنساني حيث أنه ذو طبيعة متعالية عن المادة ومغايرة لها .. وبمعنى أوسع أن كل مايخضع لحدود وقوانين المكان والزمان فهو من عالم الشهادة .. وفى المقابل فإن كل مالا يخضع لحدود وقوانين المكان والزمان فهو من عالم الغيب .. وبالتالى فإن كل ماتم الإخبار به عن طريق الرسل والأنبياء من غيبيات ولايمكن إدراكها بوسائل مادية محسوسة فهى من عالم الغيب .. وأن الإنسان بكل حواسه وأجهزته المادية عاجز عن إخضاع هذه الإخبارات الغيبية للتجارب المعمليه .. فهى موجودة ولكنها فى أكوان أو أبعاد أو أقطار أو هيئات أو جهات أخرى مختلفة .. لها قوانينها وصفاتها الخاصة والراقية .. والتى لم ولن يستطيع الإنسان معاينتها أو مشاهدتها أو الدخول الى عوالمها إلا بإذن من الله سبحانه وتعالى .. لأن الأعلى قادر على الإتصال بالأدنى ومعاينته والتأثير عليه .. بعكس الأدنى فهو عاجز ولا يملك الأسباب والوسائل التى تؤهله للإتصال أو المعاينة أو التأثير .. ولذلك كان الإيمان بالغيب إستناداً الى الأدلة العقلية والنقلية هو الطريق الوحيد للمعرفة الدينية طالما أننا مازلنا نعيش فى حياتنا الدنيا العاجزة والمحدوده .. أما حين انتقالنا للعيش فى الحياة الأخرى فيقول المولى عنها فى سورة ق ( لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد ) أى فجلينا لك ماغاب عنك وأظهرناه لعينيك .. حتى رأيته وعاينته وشاهدته .. والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم