عالم شرعي سعودي كبير، عمل في مجالات لقضاء والإمامة والخطابة والتدريس، واشتهر بغزارة العلم فعُين مفتيا للمملكة العربية السعودية مدة 18 عاما حتى وفاته، وبلغت فتاواه أكثر من ثلاثين مجلداً.
المولد والنشأة
ولد عبد العزيز بن باز يوم 21 نوفمبر 1912 في الرياض ولم يخرج منها إلا إلى الحج والعمرة. توفي والده وهو صغير، أما والدته فتوفيت وعمره 25 سنة.
كان ضعيف البنية في صباه ولم يستطع المشي إلا بعد أن بلغ الثالثة، ثم أصابه مرض في عينيه عام 1928 فضعف بصره ثم فقده كليا عام 1932.
الدراسة والتكوين
كان لوالدة عبد العزيز بن باز الأثر البالغ في توجيهه إلى طلب العلم الشرعي والمثابرة عليه، فكانت تحثه وتشد أزره للاستمرار في ذلك، فنشط في طلبه منذ الصغر وحفظ القرآن الكريم قبل البلوغ.
تتلمذ #بن_باز على أيدي عدد كبير من العلماء في الرياض، من أبرزهم الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ الذي لازمه أكثر من عشر سنوات، والشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ والشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وهما من أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ سعد بن عتيق والشيخ حمد بن فارس، والشيخ سعد بن وقاص البخاري، وهو من علماء مكة المكرمة أخذ عنه علم التجويد عام 1936.
الوظائف والمسؤوليات
عُين بن باز في القضاء بمدينة الخرج خلال 1938-1952، ثم عمل في التدريس بالمعهد العلمي بالرياض عام 1953، وفي عام 1954 عُين أستاذا في كلية الشريعة بالرياض بعد إنشائها، ودرس علوم الفقه والتوحيد والحديث واستمر يعمل فيها حتى عام 1960.
وفي 1961 عُين نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وظل في هذا المنصب حتى 1970 حيث تولى رئاسة الجامعة الإسلامية إلى عام 1975.
وفي 20 أكتوبر 1975 صدر أمر ملكي بتعيين بن باز رئيسا عاما لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة "وزير"، وظل في هذا المنصب حتى وفاته بالإضافة إلى رئاسته هيئة كبار العلماء في السعودية واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وكان عضوا في رئاسة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي ورئاسة المجلس الأعلى العالمي للمساجد والمجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي، وعضوا في المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وفي الهيئة العليا للدعوة الإسلامية بالسعودية.
التجربة العلمية
يوصف إنتاج الشيخ بن باز بالغزير، واشتهر بالإفتاء حيث بلغت فتاواه أكثر من ثلاثين مجلداً. واهتم اهتماما خاصا بالحديث وعلومه، وكان يُلقي دروسا تشرح كتب السنن الستة ومسند الإمام أحمد، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارمي، وصحيح ابن حبان، وتفسير ابن كثير، وكتاب التوحيد، والأصول الثلاثة، وغيرها.
وقد عُدّ أحد رموز الدعوة في العالم الإسلامي، وركز في مصادره على القرآن والسنة وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسيرة السلف الصالح من الصحابة، وأفاد من استنباطات الفقهاء الكبار. كما اشتهر بخطبه ومحاضراته التي كان يتم تداولها في أشرطة ومقاطع فيديو، وكانت تركز على الدعوة والإفتاء والسيرة.
أثارت فتوى بن باز إبان الغزو العراقي للكويت عام 1990 بجواز الاستعانة بالقوات الأميركية في حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت جدلا في السعودية والعالم العربي، خصوصا أنها أعطت الحكومة السعودية غطاء دينياً للاستعانة بالقوات الدولية ضد القوات العراقية. وفي حوار صحفي معه في ذلك الوقت برر بن باز فتواه بأنها "لرد الفتنة" التي تسبب فيها الرئيس العراقي صدام حسين.
المؤلفات
ألف بن باز حوالي ستين كتابا ورسالة في العقيدة الإسلامية والبدع والمنكرات، والفقه وأصوله وقواعده، والعبادات والمعاملات والبيوع المحرمة، والحديث وأصوله ومصطلحاته، وفي الأذكار وفضائلها.
كما ألف في التراجم، والمرأة المسلمة ودورها في بناء المجتمع، وفي التشريع والجهاد في سبيل الله، وفي فضل الدعوة إلى الله، ومسؤولية الشباب المسلم.
واستمرارا لنهجه، أنشئت "مؤسسة عبد العزيز بن باز الخيرية" التي تسعى لدعم ورعاية المشروعات العلمية والفكرية التي تُعنى بالعقيدة الإسلامية.
الوفاة
توفي الشيخ عبد العزيز بن باز في مستشفى الملك فيصل بالطائف يوم الجمعة 13مايو 1999 عن عمر ناهز 88 عاما، ودفن بمقبرة العدل في مكة المكرمة.