بدأت حياتي العملية في عام ٢٠٠٣ م.
كنت قد وقتها تخرجت حديثاً من كلية الإتصالات .
عملت في أحد البنوك في وظيفة مؤقتة كانت تختص بالتواصل مع العملاء و تحديث بيانات ملفاتهم و حساباتهم .
كانت تجربتي في هذا المجال من خلال خدمة العملاء تجربة ممتعة ، أحببت العمل مع الجمهور ، التفاني في تقديم الخدمة الجيدة ، و الأبداع في رفع مستوى الخدمة من خلال التعامل .
في مارس ٢٠٠٤ انتهى المشروع و اختار البنك ٣ أشخاص من أصل ٣٦ شخص لإعتمادهم كموظفين رسميين في خدمة العملاء و الحمدلله كنت أحدهم .
تدرجت في الشغف في هذا المجال ، ليس كمصرفي ناجح ، بل كمقدم خدمة متميز و أصبحت أعشق خدمة العملاء و أتفنن في تقديم الخدمة .
خدمت عملائي في كل مكان ، العملاء المرضى زرتهم في مستشفياتهم ، و كبار السن في بيوتهم و لأن البنك الذي عملت به كان شهيراً بعملائه المتقاعدين ، فكنت أحب كثيراً أن اصل اليهم في اماكنهم بغض النظر عن أرصدتهم .
في عام ٢٠٠٦ تم تعييني كمدير فرع و كنت أصغر مدير فرع في البنك آنذاك و تميزت في كثير من التفاصيل على مستوى الإنتاجية و مستوى الخدمة .
أحببت العمل المصرفي و احببت الزملاء و كنت أجتهد من أجل تقوية العلاقات بين الزملاء و بادرت لكثير من الأنشطة و الرحلات إما بشكل رئيسي منفرد او بشكل مشارك ، و كان لي بصمة واضحة في كل شي.
أعددت حفلات البنك السنوية و أشرفت على كل تفاصيل البرنامج و كانت بفكر مختلف ، قال لي حينها المدير الإقليمي ( هذا أحد أسباب اختيارنا لك ، أنت شخص عندما نعتمد عليك تفوق توقعاتنا ) .
في عام ٢٠٠٨ أصبح العمل المصرفي بكل تفاصيله جزءاً من حياتي و من هنا قررت أن أدرس من جديد في تخصص مختلف و هو التسويق ، كطالب منتسب إلى جانب عملي من أجل أن ترتبط المعرفة بالعلم و أتمكن أكثر فيما اخترت و احببت .
في عام ٢٠٠٩ كنت مشاركاً أسبوعياً في مجلس أمير المنطقة ، كان اللقاء به و الاستماع إليه و إلى الحضور و متابعة الحوار هو بمثابة كتاب جديد يضيف إلى حياتك و معلوماتك .
تركت العمل في البنك في عام ٢٠١٠ لأساهم في تأسيس اول شركة تمويل عقاري في المنطقة الغربية و بدأت رحلتي مع العمل المصرفي المتخصص و قد كنت مدير الفرع في المنطقة الغربية .
إن شغفي هنا اختلف من تقديم الخدمة إلى تقديم منتج ، يعتبر أكبر و أهم منتج في حياة الإنسان .
هذا المنتج يحتاج إلى شغف من نوع مختلف هو كيفية تحقيق الحلم .
في ٢٠١١ اتجهت للعمل في احدى الشركات الأخرى و التي لها شراكة مع أكبر بنك في اوروبا كرئيس للمبيعات و المدير الإقليمي في المنطقة الغربية ، و قد قمت أيضا بتأسيسها من الصفر .
في ٢٠١٢ و لأنني أصبحت أعشق خدمة العملاء اعتبرت أن زملائي الذي تحت ادارتي و في الإدارات الأخرى هم عملاء داخليين للمنشأة ، عملاءي أنا شخصياً .. و أردت أن اعرف كيف استطيع أن أقدم لهم خدمة خاصة تليق بهم و بالعلاقة التي تربطنا .
من هذا المنطلق قررت أن أتعلم عن علم الموارد البشرية و أخدت شهادات و دورات في هذا التخصص منها شهادة الماجستير في الموارد البشرية عن بعد .
هذا التحدي الجديد أضاف إلى شغفي شغفاً آخر و بالإضافة إلى التميز في خدمة العملاء و تحقيق الحلم إلى تعلم ثقافة التحالفات و التخصص و بالتالي أصبحت أكثر شغفاً في العلاقات الاستراتيجية .
خدمة العملاء انتقلت من خدمة العميل إلى تكوين علاقة جيدة استراتيجية مع حليف مهم جديد ينتج عن هذه العلاقة خدمة العملاء بشكل أكثر احترافية و أصبحت أفكارك الشخصية و مهاراتك الخاصة ، قاعدة الكل يريد تطبيقها .
و إلى عام ٢٠١٦ و بعد مرور ٥ سنوات حان الموعد لتحدي جديد ..
إنه نفس المجال و أظن أنني اصبحت متخصصا و محترفاً بشكل جيد .
و لكن هذه المرة مع شركة وطنية كبيرة .
هذه المرة شغف مختلف .. مع كل ما أملك من مهارات أصبحت الآن أستخدمها بشكل مختلف .. أصبحت الآن أفعلها بشكل محترف
إنه عصر التقنية .. إنه زمن الخدمة الإلكترونية.
و من هذا المبدأ ساهمت في تأسيس هذه الشركة في المنطقة ، كنت اول موظف في المنطقة الغربية و الوحيد .. حتى بنيت فريقا يغطي من تبوك إلى نجران .
فريق معظمهم من الشباب السعوديين المتميزين الحريصين على خدمة الوطن و المواطنين ، لديهم خطى ثابتة أساسها الرؤية و هدفهم تمكين المواطنين من امتلاك منازلهم .
في هذا التحدي نقدم خدماتنا بنفس الهدف و لكن بشكل مختلف ..
خدماتنا أصبحت لها قنوات أخرى .. ( عن بعد ) ( إلكترونيًا) ( تقنياً ) ( أونلاين ) … قد تختلف المسميات و لكن كلها أسماء لهذا التحدي .
أصبح هذا شغف مليء بالتحديات أول تحدي فيه هو أن تؤمن بالفكرة في ظل هذه الظروف،
عملاء في أماكن مختلفة في المملكة
اختلاف الثقافات و التعليم و الاهتمامات
و لكن جميعهم يجمعهم حلم امتلاك المنزل .
تحدي .. كيف تجعل أكبر مشروع في حياة كل شخص يصبح واقعاً ، كيف تجعل أكبر حلم يتحقق بهذه السرعة !
إن مجرد التفكير في هذه الفكرة تظن أنه مستحيلاً و لكننا قمنا به فعلاً.
تحدي .. كيف يمكنك تقديم الخدمة بشكل مبدع و ممتاز دون أن يراك العميل و يرى بشاشة وجهك و ابتسامتك ، فعلناها حقاً !
خدمة العملاء الجيدة في هذا الزمن هي فن حقيقي.. يبدع فيه من لديه الشغف .
هي القدرة على أن يكون في استطاعتك أن تجعل العميل يرى ابتسامتك و حسن استقبالك و ترحيبك بالرغم من المسافة التي تفصلكما.
و اصبح الشغف الجديد هو في المزيد من التحالفات الحكومية و الخاصة بمختلف التخصصات و من أجل هدف واحد هو أن يصبح لديك منزلاً .
في عام ٢٠٢٠ عام #كورونا خصصت جزءا كبيرا من وقتي و كان من ضمن فعاليات الحظر هو الحصول على معلومات أكثر في كل ما يتعلق بمجال عملي و شغفي و دخلت عالم الدورات الإلكترونية .
أكثر من ١٠ دورات بدأتها بدورة عن الوقاية من العدوى ، حتى أكون ملماً جيدا بما يدور من حولي ، مرورا بدورات التسويق الاليكتروني و المالية و خدمة العملاء الالكترونية و غيرها .
و في عام ٢٠٢١ م ، شغفي جعل رؤسائي يؤمنون بطموحاتي، و أصبح موعد الانتقال لمكان آخر. هي مرحلة خدمة العملاء الفردية إلى تقديم الخدمة الجيدة لشراكات استراتيجة ينتج عنها العشرات من العملاء الذين يحصلون على خدمة جيدة .
أصبحت رئيس قطاع تطوير الأعمال ، يعني مزيداً من الحلفاء و العلاقات الاستراتيجية و المزيد من العلاقات الواسعة .
هنا نحن نقدم خدمة جيدة للعلاقة نفسها
نطور العلاقة الكبيرة ، و بالتالي ينتج عنها علاقات متعددة ناجحة .
لا تظنوا بعد كل هذا أنني فعلت هذا وحدي .. و لنبدأ حقيقة بالمنحنيات الأساسية في حياتي
طبعاً الله سبحانه و تعالى هو صاحب الفضل أولاً و آخراً .. فالشكر لله على كل شيء من قبل و من بعد .
ثم بعد ذلك هي قصص كثيرة و أحداث متتالية
بدأ من طفولة فيها كل شيء.
أبوين شابين كنت أول مولود لهما و في بيت فيه جدي و جدتي ( رحمهما الله ) يعني ما بين الدلال و الحزم و الجد و اللعب تكونت طفولتي .
أبٌ صديق قوي ، كريم و رحيم
أمٌ قوية حازمة عطوفة و صارمة
و حكايات التاريخ مع(ستي سعاد) و صديقاتها و زوّارها معهم و أتسابق إلى
خدمتهم،
كل هذا جعل الطفولة مزيج بين الدلال و النضج.
المساعدة في المناسبات العائلية منذ الطفولة و القيام بما يُطلب مني والدي من كرم الضيافة و حسن الاستقبال و الدقة و الالتزام ، و من والدتي من ترتيب و نظافة و اهتمام بالتفاصيل حتماً رتّب شخصيتي و هذّبني.
(أطال الله في اعمارهم )
في المدرسة كنت اشارك دائماً في الانشطة المدرسية و قابلت مدرسون أجلاّء .. إلى هذا اليوم هم أساتذتي و أصدقاء كان لديهم شغف التطوير فساهموا في صقل شخصيتي حتى تعلمت أن أقرأ بمتعة أكتب جيداً و أنصت كثيرا . (الله يجزاهم خير )
و مابين الانشطة و الاذاعة و المسرح كنت دائما موجوداً في المقدمة و تمر السنين و يزداد معي هذا الحب و هذا الشغف..
التعامل مع الناس و الحديث مع كل الأجيال و الثقافات دون تردد و بكل تقدير.
وجودي في عائلة كبيرة لديها سمعة جيدة في كل مكان ، ساهموا في بناء الوطن من لحظة ولادته و كان جدي ( الشيخ عبدالله محسن زارع ) أول من بايع المؤسس الملك عبدالعزيز ( طيب الله ثراه ) ممثلاً رسمياً لمدينة ينبع .
زرع فيّا شغف حب الوطن الممتد و المتأصل .
وجود أبناء عم ، و أصدقاء رائعين رافقتهم في دراستي و شبابي و سفري و في عملي و في حياتي من أول يوم و حتى هذه اللحظة ، صنع مني شخصاً فخوراً بعزوتي التي كونتها من الحياة .
وجود عائلة جميلة كونتها بفضل الله من زوجة طموحة و أبناء كل أمنياتي لهم أن يكونوا أفضل مما أتمنى جعل طموحي و شغفي ممتد ، مستمر و لا يتوقف .
وجودي مع زملاء عمل في مجالات مختلفة جعلتي تعلمت منهم الكثير .. اعطوني الكثير كلهم رائعين ، اتفقنا أم ام نتفق .. حتماً كانوا رائعين لأنني تعلمت منهم شيئاً .
هذه نعم و بالشكر تدوم النعم .
شكرا لكل من عرفتهم .
و لهذا تجربتي في الحياة ثرية و غنية تبدأ بكرم الله و نعمته و فضله ثم وطن عظيم معطاء و مرورا بكل الظروف التي عشتها .
و نصيحتي و لا أعلم إن كان يحق لي أن انصح ، و لكن أريد أن أوضح تجربتي بعدة قواعد وضعتها نصب عيناي في حياتي :
١- أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس .
٢- هل جزاء الإحسان إلا الإحسان .
٣- من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.
٤- ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجته، أحبّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً .
٥-أرقى الناس أقلهم حديثاً عن الناس وأنقى الناس أحسنهم ظنا بالناس وأتقى الناس أكثرهم سعيا في خدمه الناس .
٦- الجنة على الأرض هي خيار نصنعه نحن وليست مكاناً نبحث عنه.
٧- الإنسان الطموح لا يشيخ.
٨- ابتعد عن الاشخاص الذين يحاولون التقليل من شأن طموحاتك.
٩-لتكن فاتحاً للأبواب لمن يأتون بعدك.
١٠- اعتقدت دائماً أن الأرقام القياسية وجدت ليتم تحطيمها .
كل ما سبق هي آيات من كتاب الله أو من أقوال رسول الله ﷺ ، أو أقوال شهيرة عرفتها خلال مسيرتي و كثيرة هي الأشياء التي تعلمتها و لكن هذه التي احتفظت بها في ذاكرتي .
كل كلمة كان لها تأثير في حياتي .. و تعلمت كثيراً من هذه العبارات التي وقعت في نفسي حتى أرشدتني لكثير من الاشياء التي فعلتها و ام اندم عليها أبداً .
ثريد طويل .. قلت فيها جزء من حياتي و لكن تأكدوا أنني فشلت كثيرا و اخفقت كثيرا و أخطأت كثيرا حتى وصلت إلى هنا .. و تجربتي او ألهمت شخصاً لـ كفتني رضاً و قناعة ..
ما زال للحلم بقية .. ما زال الشغف يتجدد
طموحي ليس له سقف .. و لا حد ..
طموحي عنانه السماء ..
كما قالها بكل ثقة أميرنا الشاب
أمير الشغف و الطموح
#محمد_بن_سلمان .
آسف على الإطالة و شكرا لكم و انتظر منكم أن تشاركونا تجاربكم في #ثريد_تجاربنا .
#رواد إبراهيم زارع
ذو الحجة ١٤٤٢
July 2021