المخيم
يا ساجدة يا أبنتي مَنْ أخرجكِ خارج المخيم وفي هذا البرد وذاك الليل المظلم .
لا تخافي يا أمي فداخل المخيم مثل خارجه فإنه لا يرد من أراد بنا سوء ، فما هو إلا غشاء رقيق تحرقه أنفاس الرياح وصمتها ، ومع هذا نحتمي به من الزمان وتقلباته من حرة وبرده ودموع غيثه ، ومع هذا فإنه يصل إلينا بسهوله ، ألم يصل إلينا ونحن في بيوت مشيده ، ألم يصل إلينا بأصعب من كل هذا الذي نحاذره ،ألم يصل إلينا بمعاداته لنا فلقد نظر إلينا بعين غضبه فأدْمَانا ، واقتلعنا من جذورنا وهوى بنا في واد سحيق ، فعلي أي شيئَا إذا نحاذر.
هل تعلمي يا أمي كم أبحثُ في ذاكراتي عن طفولتي ، عن الملاهي عن اللعب ، عن عروستي التي زفت إلي قبرها ودفنت مع المسرة بين أضلعي وفي ذاكرتي ، وعن صوت الضحكات التي تنساب كالسلاف بفم أذني عندما أتناول الحديث واللهو مع صديقاتي ، عن الروح التي شابت قبل الفطام ، وعن ... وعن .... وعن ...
ثم صمتت وكأنها تستريح من جَلد نفسها وأمها بتلك الذاكرة وهذه الذكريات .