وأنا أتمنى أنك أمسكت قلمك ولسانك ، وبررت المعلمين إخوانك ممن نأى بهم المزار وشطت بهم الدار ، ورمت بعيدا بهم الأقدار ، فهم يتلوون شوقاً ويحترقون حنيناً لرؤية قريب وعناق حبيب ، شردتهم المسافات وقطع وصلهم طلب الرزق ولقمة العيش ..
وأراك تستشهد بالأنبياء ولا والله ما صدقت فما تمنى نبي التعب على الراحة ولا الفراق على الوصال ولا البعد على الاتصال ( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي ) ( اللهم إن مكة أحب ديار الله إلي ولولا أن أهلها أخرجوني ما خرجت )
وما وجد أعداء نبي تعذيبا له أشد من إبعاده، ( لتكونن من المخرجين ) ,
ووالله لو أُخرجتَ لعرفت وما لكلامك قلتَ ..
ولكني أظن باب بيتك قد لاصق باب مدرستك فما تغسل وجهك إلا جنب فصلك ، وأمام طلابك تمطَّى بيديك ورجليك لم تستفق بعدُ من رقدتك ، وتذهب وتعود قد اطمأن على أبنائك قلبك , وجمع الحظ بينك وبين حليلتك ، فجئت تتبختر على إخوانك المفارقين أحبابهم تتسلق بإخلاصك أكتافهم ، كأنك اكتملتَ ونقصوا وسبقتَ وتأخروا وأكملتَ عملك وقصروا ، فاحذر أخي أن يحتنكك الشيطان فيجرك إلى مهاوي الغرور والمباهاة ، ثم يستعلي ظهرك فتصبح مطيته لغرس شروره ..
وما تقدمَ من تقدم قبلنا بكثرة فصول ولا حشو رؤوس ، وإنما برقيٍ - أراك قد فقدته - وحسن فهمٍ - ضيّعتَه فما وجدتَه - وبركةٍ في القليل لإخلاصٍ في العمل الجليل .. ( ليبلوكم أيكم أحسن عملاً )
واحذر دعوة أخٍ أو أختٍ يرى تزييفك فيشتط غضباً رافعاً يديه مبشراً لك بفراقٍ كفراقه فتذهب نفسك حسرات.. فتذكرَ حينها قول القائل :-
ندمتُ ندامةً لو أنّ نفسي
تطاوعني إذاً لقطعتُ خمسي