ميليشيات القتل الطائفية… وحيدر العبادي
داود البصري
بعد تنحي نوري المالكي من سباق رئاسة الحكومة العراقية وسقوط أسهمه نهائيا, تفاءل القوم بالتغيير الإيجابي وصدرت الأمنيات بالخير الوفير الاتي, لكنهم تناسوا حقيقة ميدانية مهمة سرعان ما تجسدت بعد أن تلاشت السكرة وجاءت الفكرة, وهي حقيقة وجود وفاعلية جيوش وعصابات القتل, وهي الميليشيات الطائفية الإرهابية التي أسستها ورعتها مؤسسة الحرس الثوري الإيراني و جعلتها بمثابة جيوش إيرانية رديفة في العراق وكانت تعمل لخدمة نوري المالكي, وتحت امرة مكتبه العسكري, وعن طريقها جرى تنفيذ عدد كبير من جرائم الاختطاف والقتل والتطهير الطائفية, واعمال التفخيخ والتدمير, وهي التي شاركت في مساندة النظام السوري وعصاباته “الشبيحية”, وقتلت الشعب السوري في ريف دمشق وحمص و حلب وجميع الجبهات الساخنة هناك.
اليوم باتت الميليشيات الطائفية هي المتحكمة, قولا وفعلا, ميدانيا في الشارع العراقي, وهي التي تمتلك كل عناصر القوة الفعلية, فعصابات “العصائب” وكتائب “حزب الله”, وعصابات “المختار” البطاط وغيرها من الحثالات والنفايات الطائفية, هي بمثابة أدوات قتل ميدانية متحركة في الشارع العراقي, وقوتها لا تقاس أبدا بقوة عناصر الأمن والشرطة العراقية, وهي قنابل موقوتة تستطيع تفجير الوضع ونقل الشعب الى مرحلة الحرب الطائفية الأهلية الشاملة في الوقت الذي تريد.
حكومة العبادي وهي تتشكل اليوم لايمكنها أبدا ردع ولا تفكيك تلك العصابات التي نمت وأزدهرت بالرعاية الإيرانية المباشرة, وبدعم مفتوح ومطلق من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي, فقد أقدمت تلك العصابات على خطف العشرات من المعتقلين من سجون رصافة بغداد, ونفذت فيهم حكم الإعدام الكيفي والعشوائي, وألقت بجثث المغدورين في مزابل شرق بغداد, وهي فضيحة أمنية عظمى.
كما نفذت الميليشيات نفسها عمليات قتل وتهجير أهل السنة في محافظة البصرة الجنوبية, في ظل عجز السلطات الحكومية عن حماية الشعب العراقي بمختلف مكوناته.
إنهم “دواعش” المالكي وهم يمارسون الجريمة المنظمة, كما مارست تلك العصابات مجازر طائفية كريهة في ديالى وحزام بغداد, وهي بصدد تطوير أعمالها الأجرامية متحدية كل القوى السياسية الرافضة لتلك الأساليب, وبما يجعل الحكومة العراقية بأجهزتها, الامنية والعسكرية, مجرد ديكور فارغ من أي مضمون حقيقي.
المالكي حاول الإستعانة بهذه العصابات لتثبيت نفسه عبر إنقلاب عسكري ميليشاوي يؤسس لسلطة “دولة طويريج ” الرثة, لكن الموقف الأميركي الذي رافقه تحذير جدي من اللعب بالنار جعله “يفرمل” مواقفه ويتراجع من دون قطع إحتمالات أي أفعال حمقاء قد تحدث في أي لحظة, فالمرجل الذي يغلي في العراق على وشك الانفجار الحتمي, وحكومة العبادي القائمة لا تمتلك الإرادة ولا القدرة ولا الامكانية, اللوجستية والتعبوية, على إحداث انتقالة في الأوضاع العراقية, إنها سياسة و منهج حكومة المالكي نفسها, لكن بوجوه جديدة سرعان ما ستظهر حقيقتها قريبا, فالإناء ينضح بما فيه, وهيمنة حزب “الدعوة” الإرهابي على السلطة كفيلة وحدها بجعل تلك السلطة هشة, ومتهاوية, وخاضعة لنفوذ الميليشيات التي كبر دورها وعلا شأنها وأضحت بمثابة حقيقة سوداء من حقائق الوضع العراقي المتهاوي.